نقلا عن ايلاف..أحصائيات..وخيبة:
شباب اليوم يعاني عقما ثقافيا
الجمعة 26 سبتمبر 2003 11:25
ان كان ارتفاع نسبة الكلمة المطبوعة هو الأساس الحضاري لتصنيف البلدان الى متخلفة او نامية او متقدمة، فأين الوطن العربي على هذا المقياس؟ وهل ضاعت اهمية الكتاب بعد دخوله عصر التنافس مع المنتجات الحديثة الأخرى التي تتنوع فيها سبل استقاء المعلومة؟ وهل يجد الشباب وقتا لمطالعة "خير جليسهم" في ظل عصر طغت عليه الجينات والالكترونيات والوسائط المعلوماتية ووسائل الاعلام؟
نعاني في العالم العربي من أزمة حادة في عزوف كثير من الشباب عن القراءة والبحث، مما أدى إلى اضطراب في التفكير العام، وسطحية مفرطة في كثير من الرؤى، وضحالة علمية حجبت منافذ البصيرة.
وان كان "فولتير" قد عرف عن قادة الجنس البشري بأنهم اولئك الذين يعرفون كيف يقرأون، فشبابنا مصاب اليوم بعقم ثقافي، وعسر القرائة بسبب تقاصر الهمم عن الوصول الى القمم، والانشغال بسفاسف الامور.
وفي استبيان منظم اجري لمعرفة مشكلات القراءة عند الشباب في إحدى الجامعات العربية، تبين أن 20% ممن شاركوا في الاستبيان لا يقرأون مطلقاً باستثناء مقرراتهم الدراسية، وهناك 20% أخرى تقرأ مراجع في ميدان اختصاصها فقط، أما درجة القراءة عند القرّاء فهناك 26% يقرأون أقل من ساعة يومياً، ونحو 35% بين ساعة وساعتين، في حين ان الذين يقرأون أكثر من اربع ساعات يومياً لا تتجاوز نسبتهم 2%! وهذه النسب تظهر واضحة جلية لدى زيارة اي مكتبة عامة (ان وجدت) في البلدان العربية، لترى واقعا مرا يطغى عليه الهجر والجحود.
كما كشف تقرير للشبكة العربية لمحو الأمية وتعليم الكبار عن وجود نحو 72 مليون أميّ في العالم العربي، بينهم 12 مليون طفل في سن الإلزام خارج منظومة التعليم النظامي. وتشير الدراسات الى أن متوسط ساعات القراءة في بعض الدول الأوروبية يصل إلى 200 ساعة، سنوياً بينما تنخفض هذه الساعات وتتقلص إلى 6 دقائق سنوياً للفرد العربيّ!
وفي إحصاءات حديثة عن منظمة "اليونسكو"، تبيّن أن نسبة الأمية مرتفعة في الوطن العربي، وتزيد على 28% لدى البالغين، أما الأمية المعلوماتية فلا تزال حتى اليوم تزيد على 98%.. و تؤكد دراسة علمية نُوقشت في كلية الإعلام، في جامعة القاهرة، ان 2880 جريدة ومجلة، وما يقارب 4000 محطة تلفازية، وما يزيد على 490 دار نشر تُصدر نحو 3000 كتاب سنوياً بجميع اللغات، وأن أكثر من 1150 محطة إذاعية مملوكة لمراكز وجهات، وشركات يهودية.
وحينما سُئل شلومو أفنيري الخبير في الشؤون السياسية، عن رأيه في عداوة العرب، أجاب: "لو سألتني عن رأيي لأخبرتك أن أبشع دور لعبته عداوة العرب الدائمة لنا هو أنها شغلت "إسرائيل" منذ وجودها بالصراع من أجل البقاء، حتى إننا لم نجد من الوقت ما يساعدنا على اتخاذ قرار حول طبيعتها". ورغم ذلك يحق للكيان الصهيوني أن يفتخر بأعلى نسبة من المثقفين القادرين على القراءة والكتابة، وبنسبة عالية من الكتب المنشورة تضاهي أعلى النسب في العالم.
يذكر ان الإنفاق على البحث العلمي والتطوير بلغ لدى الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة نحو 1،8% من اجمالي الناتج المحلي، بينما لم يتجاوز 0،2% في الدول العربية كافة.
ووصل عدد الدوريات العلمية الصادرة من قِبَل اليهود في فلسطين المحتلة 370 دورية، بينما يصل عددها إلى 173 دورية في دولنا العربية.
وفي مقارنة بسيطة، فان دولة صغيرة مثل (بلجيكا) تبلغ إصداراتها ما يقارب 12،000 سنوياً، بينما عدد السكان في الوطن العربي أصبح يقارب 300 مليون نسمة، ويبلغ إجمالي ما تنتجه دور النشر العربية ما يقرب من 8000 من الإصدارات السنوية في مختلف ميادين العلم والمعرفة.
اما (اليابان)، فتصدر خمسة وثلاثين ألف عنوان سنوياً تقريباً، وهذا يمثل ضعفي ما يُنشر في الولايات المتحدة.
وتنفق الدول المتقدمة ما بين 3 - 4% من دخلها العام على البحث العلمي والتقني، في حين نجد ان انفاق الدول الإسلامية والعربية لا يتعدى 0،2%.
والمواطن العربي ينفق قرابة ثلاثة دولارات فقط على البحث العلمي، في حين يقفز معدل الانفاق للفرد في الدول الغربية الى 409 دولارات في ألمانيا، و601 دولار في اليابان، و681 دولاراً للفرد الأمريكي.
إن التدفق الهائل للمعلومات، وتراكم منتجات البحث العلمي في اتساع مستمر، والنتيجة المباشرة لذلك هي تقادم ما بحوزتنا من معارف ومعلومات، وتفيد بعض التقديرات ان نحواً من 90% من جميع المعارف العلمية قد تم استحداثه في العقود الثلاثة الأخيرة. مما يفرض على المثقف ان يرسم لنفسه خطة تثقيفية تناسب رغباته واختصاصه العلمي، وحتى يصبح الإنسان مثقفاً فلا بد أن تكون قراءاته منذ البداية موجهة بما يتناسب مع تكوينه الفكري الأساسي.
كما إن القراءة تصل القارئ بالعصور الغابرة من التاريخ، بما فيه من خير وشر، وتجعله إذا دوَّن أفكاره متواصلاً مع الأحقاب اللاحقة، ينقل للأجيال القادمة أحداث عصره، وتاريخ أمته. وإذا أردنا أن نلحق بركب الأمم المتقدمة فلا بد ان يكون هناك تبكير في إثراء ثقافة اطفالنا، حيث ان الدراسات والأبحاث تؤكد ان مهارات القراءة التي تم اكتسابها مبكرا، وثبت وجودها لدى اطفال الصف الأول ابتدائي هي نفسها التي يعود اليها ارتفاع القراءة لدى طلاب الصف الثالث الثانوي.
تحياتي
شباب اليوم يعاني عقما ثقافيا
الجمعة 26 سبتمبر 2003 11:25
ان كان ارتفاع نسبة الكلمة المطبوعة هو الأساس الحضاري لتصنيف البلدان الى متخلفة او نامية او متقدمة، فأين الوطن العربي على هذا المقياس؟ وهل ضاعت اهمية الكتاب بعد دخوله عصر التنافس مع المنتجات الحديثة الأخرى التي تتنوع فيها سبل استقاء المعلومة؟ وهل يجد الشباب وقتا لمطالعة "خير جليسهم" في ظل عصر طغت عليه الجينات والالكترونيات والوسائط المعلوماتية ووسائل الاعلام؟
نعاني في العالم العربي من أزمة حادة في عزوف كثير من الشباب عن القراءة والبحث، مما أدى إلى اضطراب في التفكير العام، وسطحية مفرطة في كثير من الرؤى، وضحالة علمية حجبت منافذ البصيرة.
وان كان "فولتير" قد عرف عن قادة الجنس البشري بأنهم اولئك الذين يعرفون كيف يقرأون، فشبابنا مصاب اليوم بعقم ثقافي، وعسر القرائة بسبب تقاصر الهمم عن الوصول الى القمم، والانشغال بسفاسف الامور.
وفي استبيان منظم اجري لمعرفة مشكلات القراءة عند الشباب في إحدى الجامعات العربية، تبين أن 20% ممن شاركوا في الاستبيان لا يقرأون مطلقاً باستثناء مقرراتهم الدراسية، وهناك 20% أخرى تقرأ مراجع في ميدان اختصاصها فقط، أما درجة القراءة عند القرّاء فهناك 26% يقرأون أقل من ساعة يومياً، ونحو 35% بين ساعة وساعتين، في حين ان الذين يقرأون أكثر من اربع ساعات يومياً لا تتجاوز نسبتهم 2%! وهذه النسب تظهر واضحة جلية لدى زيارة اي مكتبة عامة (ان وجدت) في البلدان العربية، لترى واقعا مرا يطغى عليه الهجر والجحود.
كما كشف تقرير للشبكة العربية لمحو الأمية وتعليم الكبار عن وجود نحو 72 مليون أميّ في العالم العربي، بينهم 12 مليون طفل في سن الإلزام خارج منظومة التعليم النظامي. وتشير الدراسات الى أن متوسط ساعات القراءة في بعض الدول الأوروبية يصل إلى 200 ساعة، سنوياً بينما تنخفض هذه الساعات وتتقلص إلى 6 دقائق سنوياً للفرد العربيّ!
وفي إحصاءات حديثة عن منظمة "اليونسكو"، تبيّن أن نسبة الأمية مرتفعة في الوطن العربي، وتزيد على 28% لدى البالغين، أما الأمية المعلوماتية فلا تزال حتى اليوم تزيد على 98%.. و تؤكد دراسة علمية نُوقشت في كلية الإعلام، في جامعة القاهرة، ان 2880 جريدة ومجلة، وما يقارب 4000 محطة تلفازية، وما يزيد على 490 دار نشر تُصدر نحو 3000 كتاب سنوياً بجميع اللغات، وأن أكثر من 1150 محطة إذاعية مملوكة لمراكز وجهات، وشركات يهودية.
وحينما سُئل شلومو أفنيري الخبير في الشؤون السياسية، عن رأيه في عداوة العرب، أجاب: "لو سألتني عن رأيي لأخبرتك أن أبشع دور لعبته عداوة العرب الدائمة لنا هو أنها شغلت "إسرائيل" منذ وجودها بالصراع من أجل البقاء، حتى إننا لم نجد من الوقت ما يساعدنا على اتخاذ قرار حول طبيعتها". ورغم ذلك يحق للكيان الصهيوني أن يفتخر بأعلى نسبة من المثقفين القادرين على القراءة والكتابة، وبنسبة عالية من الكتب المنشورة تضاهي أعلى النسب في العالم.
يذكر ان الإنفاق على البحث العلمي والتطوير بلغ لدى الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة نحو 1،8% من اجمالي الناتج المحلي، بينما لم يتجاوز 0،2% في الدول العربية كافة.
ووصل عدد الدوريات العلمية الصادرة من قِبَل اليهود في فلسطين المحتلة 370 دورية، بينما يصل عددها إلى 173 دورية في دولنا العربية.
وفي مقارنة بسيطة، فان دولة صغيرة مثل (بلجيكا) تبلغ إصداراتها ما يقارب 12،000 سنوياً، بينما عدد السكان في الوطن العربي أصبح يقارب 300 مليون نسمة، ويبلغ إجمالي ما تنتجه دور النشر العربية ما يقرب من 8000 من الإصدارات السنوية في مختلف ميادين العلم والمعرفة.
اما (اليابان)، فتصدر خمسة وثلاثين ألف عنوان سنوياً تقريباً، وهذا يمثل ضعفي ما يُنشر في الولايات المتحدة.
وتنفق الدول المتقدمة ما بين 3 - 4% من دخلها العام على البحث العلمي والتقني، في حين نجد ان انفاق الدول الإسلامية والعربية لا يتعدى 0،2%.
والمواطن العربي ينفق قرابة ثلاثة دولارات فقط على البحث العلمي، في حين يقفز معدل الانفاق للفرد في الدول الغربية الى 409 دولارات في ألمانيا، و601 دولار في اليابان، و681 دولاراً للفرد الأمريكي.
إن التدفق الهائل للمعلومات، وتراكم منتجات البحث العلمي في اتساع مستمر، والنتيجة المباشرة لذلك هي تقادم ما بحوزتنا من معارف ومعلومات، وتفيد بعض التقديرات ان نحواً من 90% من جميع المعارف العلمية قد تم استحداثه في العقود الثلاثة الأخيرة. مما يفرض على المثقف ان يرسم لنفسه خطة تثقيفية تناسب رغباته واختصاصه العلمي، وحتى يصبح الإنسان مثقفاً فلا بد أن تكون قراءاته منذ البداية موجهة بما يتناسب مع تكوينه الفكري الأساسي.
كما إن القراءة تصل القارئ بالعصور الغابرة من التاريخ، بما فيه من خير وشر، وتجعله إذا دوَّن أفكاره متواصلاً مع الأحقاب اللاحقة، ينقل للأجيال القادمة أحداث عصره، وتاريخ أمته. وإذا أردنا أن نلحق بركب الأمم المتقدمة فلا بد ان يكون هناك تبكير في إثراء ثقافة اطفالنا، حيث ان الدراسات والأبحاث تؤكد ان مهارات القراءة التي تم اكتسابها مبكرا، وثبت وجودها لدى اطفال الصف الأول ابتدائي هي نفسها التي يعود اليها ارتفاع القراءة لدى طلاب الصف الثالث الثانوي.
تحياتي